فضاء حر

حوار جنيف بداية سقوط حركة أنصار الله

يمنات
أيد اغلبية الشعب اليمني ثورة الشباب في فبراير2011م، قبل أن يركب موجتها محسن وآل الاحمر ومشترك الاصلاح، و كان سبب الثورة هو تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لأغلبية الشعب اليمني، و فساد نظام الحكم، واستئثار أقلية ممتازة بالثروة، تحمسنا جميعاً للثورة وكانت أحلامنا أن تنتزع سلطة الدولة ، وترسي عهد جديد يحسن الحياة الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الفقيرة المسحوقة وهي أغلبية الشعب، فسرق الاخوان ومشتركهم الثورة وخانوها وذهبوا للرياض للتوقيع على مبادرة سعودية بموجبها تقاسموا السلطة والدولة مع صالح وحزبه المؤتمر، و نصبوا نائبه رئيس كدمية لتمرير مخططاتهم الاجرامية، في تدمير اليمن وتقسيمها وتفكيكها، تحت مسمي الفدرلة، و دمروا الجيش اليمني و اخونوه تحت مسمى الهيكلة، تنفيذاً لمخططات أجنبية سعودية، و مارسوا خلال ثلاث سنوات أبشع فساد في تاريخ اليمن الحديث و تقاسموا الدولة ووظائفها، و شهدت اليمن حقبة مظلمة بائسة سوداء قاتمة، اغتيالات و عمليات انتحارية وتفجيرات، و بؤس وظلام و إحباط، و عندما ينتقدوا يكون الجواب، كل ذلك بسبب عفاش، أي أنهم منحوه حصانة وتقاسموا معه السلطة ليرموا عليه مسئولية الفشل، و بعد أن غرقوا في الفساد ونهب المال العام والفشل رفعوا سعر برميل النفط من عشرة ألف إلى أربعين ألف و فشلوا عن حماية الكهرباء، طوال ثلاث سنوات و انتعشت تجارة السوق السوداء، و ماتت مزارع الفلاحين، و اذا بالناس يقولوا بعد أن فشلت الثورة و تم التلاعب بها وبمفاهيمها وقيمها، و تحول من قادوها وسرقوها إلى قوى ثورة مضادة، سلام الله على عفاش.
كان برميل النفط في عهده بعشرة ألف ريال و كان يرفع في الدبة مائة ريال، و كانت الكهرباء لا تنطفئ في عهد و امن و امان، قام هادي و أحزاب المشترك، عام 2013، بتضخيم ميزانية الدولة و رفعها من 7 مليار دولار إلى 13 مليار، و قالوا إنها اكبر ميزانية في تاريخ اليمن. تلك الموازنة الضخمة ذهبت لجيوب الفاسدين و اللصوص.
لم ينجزوا مشروع تنموي واحد، خصص منها كفوائد للبنوك الربوية المملوكة لكبار حيتان الفساد، 422 مليار فوائد اذون الخزانة، و بما يعادل موازنة 40 وزارة ومؤسسة حكومية، لأنهم يعرفوا أسرار الدولة اثروا ثراء فاحش، دخلت البلد مليارات الدولارات نهبوها و خصصوها لشراء الذمم، و تمرير حوار موفنبيك التفكيكي التأمري، و بعد أن أصابنا اليأس و الاحباط والقنوط، وجدت أزمة اقتصادية جديدة هي رفع أسعار الوقود100% من قبل هادي و حكومة المبادرة، و احزابها، فكانت ثورة الريف بزعامة عبد الملك الحوثي، الذي طرح خطاب وطني يلامس معيشة الناس، فالتف الشعب حوله وأحياء آمال جديدة في قلوب الناس، باعتباره مظلوم مثلهم واتى من خارج منظومة الفساد والاستبداد، و قالوا هذا هو المنقذ الذي سيخلصنا من هذه المنظومة الاجرامية العميلة الفاسدة ويبني دولة عادلة لكل اليمنيين، فوجد انصار الله و زعيمهم حاضنة شعبية والتفاف شعبي، في مقابل نبذ الشعب لهادي والمشترك والاخوان و محسن وال الاحمر.
دخل انصار الله صنعاء بسهولة و سقط خصومهم في لحظات عشية 21سبتمبر لان شعبنا نبذهم ولفظهم، فكانت 21 سبتمبر نقطة مضيئة شاركنا كلنا في صنعها، و كنا نحلم أن ينتزع انصار الله و زعيمهم سلطة الدولة بقوة السلاح، و يطيحوا بالطبقة الحاكمة المتعفنة المتكلسة البائسة الفاسدة ويذهبوا بها للسجون و يقدموها لمحاكمات ثورية، و يرسوا عهد جديد عنوانه العدالة والمساواة والاستقلالية والعزة والكرامة، و لكنهم راعوا الطبقة الحاكمة الفاسدة و تصالحوا معها، و ذهبوا لتوقيع اتفاق سلم وشراكة معها، و بكل سذاجة و خفة سلموا لهم الثورة والانجاز على طبق من ذهب، حذرناهم مراراً وتكراراً من التصالح مع قوى الفساد والارهاب، أو التحالف معها، فلم يلتفتوا لنصائحنا، و بعدها دخلت البلد في حقبة جديدة من الصراع والاغتيالات و العمليات الانتحارية، فكانت انتفاضة مسلحة، في 21 يناير 2015، و اسقط هادي وحكومة ال سعود التي أتت على أكتاف ثورة الريف.
لكن الحوثي يجيد إضاعة الفرص وتكرار الأخطاء الاستراتيجية، ذهب لوضعهم تحت الإقامة الجبرية، لم يذهب بهم للسجون، و ذهب يحاور أدواتهم و أحزابهم السياسية في موفنبيك للعودة مجدداً لتقاسم سلطة الدولة، حتى اكتملت خطتهم واستعادوا أنفسهم، فهربوا هادي عدن و من عدن تم قيادة الثورة المضادة و تفجير مساجد صنعاء واغتيال المناضل الخيواني.
نصحنا انصار الله عشرات المرات بنزع سلطة الدولة واعتقال هادي والاخوان و كل الطبقة الحاكمة، ورسمنا لهم خارطة مستقبل، و بعدها أصدروا إعلان دستوري، و ذهبوا مجدداً للتحاور مع أحزاب الكذب و الزيف المشترك، و هادي في عدن يحضر للانقضاض على الثورة، و بعد أن وقع الفأس في الرأس و فجرت المساجد، و اغتيل الخيواني تحركوا نحو عدن لإزالة ازدواجية السلطة، نصحناهم أن يسارعوا لإعلان الدولة و الحكومة في صنعاء و أن لا يذهبوا نحو عدن إلا و هم دولة، و ليس كجماعة مليشاوية، و لكنهم لا يسمعون تحركوا عدن و الفراغ قائم بصنعاء، فكانت الكلفة باهظة و مضاعفة عشرات المرات، و بسبب فراغ السلطة و هرب هادي عدن شن العدوان على اليمن بطلب هادي الرئيس الشرعي الذي يستمد شرعيته من الخارج، و صنعاء بدون دولة و الحوثي يقدم نفسه للعالم كعصابة مليشاوية، و ليس كدولة، قوضها و لم يحل محلها.
بعد أن ملينا نصائح تبين لنا أن أنصار الله “الحوثيين” لا يمتلكون مشروع وطني تقدمي ينتمي لكل الناس و لليمنيين كل اليمنيين، حتى و ان ذهبوا يقاتلوا القاعدة و داعش بأهداف نبيلة في كل الجبهات، فهذا لا يكفي، ولأن الجماعات الدينية تشبه بعض في البرجماتية والانتهازية، و عدم الاستعداد لتحمل المسئولية بشجاعة .. يريدون سلطات بلا مسئوليات، وجدنا أن انصار الله “الحوثيين”، متخذين الحوار و تقاسم سلطة الدولة بينهم وبين من ثار الشعب ضدهم كإستراتيجية، يعني ثرنا و أيدنا الحوثي بسبب إخفاء الديزل و انعدام الكهرباء، و فشل من سبقوه على كل الاصعدة، فاذا بنا نجد أنفسنا أمام حقبة و شلة افشل ممن سبقهم.
ستقول لي السبب هم الدواعش والاخوان و هادي وال سعود .. طيب و لماذا ثرنا عليهم و أيدناك وباركنا قيادتك، و صبرنا على القتل والجوع و الظلام منذ 85يومياً، من اجل تذهب جنيف و مسقط و غيرها من العواصم، للتفاهم معهم للعودة مجدداً لتقاسم السلطة و الدولة ، و فتح حقبة جديدة من الفساد و المحاصصة و التقاسم و الاغتيالات و التفجيرات، سيسأل المزارع نفسه اليوم الذي ماتت أشجاره و مزارعه من اجل ماذا أيدت الحوثي و يبست محصولاتي و فقدت مصدر رزقي، من اجل يعيد لنا هادي و الإصلاح و كل الفاسدين والعملاء والخونة، الذين أوصلونا إلي هذا الحال.
الشعب يقول و أنا واحداً منهم لماذا صمدنا وصبرنا على الظلام و القصف و الخوف و البؤس والدمار 85، من اجل عودة هادي و الاخوان و من اجل أن يكون للحوثي حصة في الحكومة والدولة، يوظف مجموعة من الانتهازيين و المرتزقة الذين يكيلون له المديح..؟ أم من اجل دولة قوية و نظام عادل يحكم بمشروع وطني يحقق نهضة لليمن.
الخلاصة: أنصار الله “الحوثيبن” بدأوا يتحولون كقوى ثورة مضادة ستسقطهم أخطائهم و التناقضات الاقتصادية والصراع الطبقي.
و لا يغركم السلاح الذي تملكوه، فقد كان علي عبد الله صالح أقوى منكم بألف مرة .. رتب جبال صنعاء كلها وملى اليمن بالمعسكرات، و كان لديه جيش ضارب، و لكن بمجرد أن فقد الحاضنة الشعبية والالتفاف الشعبي سقط بسهولة.
و كذلك الإخوان وآل الأحمر و محسن، و أنتم اليوم تمارسون أخطاء قاتلة و متصالحين مع الفساد و الفاسدين و انتعشت تجارة السوق السوداء في عهدكم .. الدبة الغاز بخمسة ألف و تباع في المحطات علي مرأي و مسمع منكم، الكهرباء غائبة، القمامة تغرق الشوارع، و الناس صابرة عليكم، لأن هناك عدوان خارجي، و لديهم أمل أنكم ستبنون دولة و لن تعيدوا العملاء و الخونة والفاسدين، و غداً سيكتشفوا أنكم تحولتم إلي قوى ثورة مضادة، ستتقاسموا السلطة مع من خونتموهم و قلتم إنهم عملاء و دواعش، و بعدها ترموا بالفشل و الفساد عليهم كما عملوا هم من قبل مع صالح.
أيدناكم بالأمس لأنكم كنتم ثوار و سنعارضكم و نعري فسادكم منذ الغد لأنكم قبلتم بالعملاء والخونة و ستتقاسموا معهم السلطة، و غداً ستتخلق قوة من أوساط الجماهير تسقطهم وتسقطكم، الشعب خلاق، و الطبقة الثورية المسحوقة البائسة في توسع و تحتاج من يقودها بمشروع وطني تقدمي يساري علماني إنساني، ملوا المشاريع الدينية والخطاب الديني.

زر الذهاب إلى الأعلى